اكاديميات الاولمبية الوطنية ( الدبلوماسية الرياضية : الاصول , النظرية والتطبيق )

الدبلوماسية الرياضية:

الأصول، النظرية والتطبيق

ما هو الدور الذي تلعبه ويجب أن تلعبه الرياضة

 في العلاقات الدولية والدبلوماسية؟[1]

د. ستيوارت موراي

الجزء الأول- الإعداد:

سأتحدث عن أصول ونظرية وتطبيق الدبلوماسية الرياضية. المجال الجديد والمبتكر للعلاقات الدولية والدبلوماسية.

منذ حوالي 10 سنوات وحتى الآن، نمثل نحن أحدث فريق يحاول اطلاق عنان “قوة الرياضة شبه الأسطورية لتغيير العالم”. ولإعطاء نظرة عن ذلك، أضع في العرض الأول النقاط التالية:

1. بعض الأستراليين الأوائل في الرياضة، يلعبون مارنجروك، قليلاً.

2. نظراً لأننا في اليونان، فقد تمتع أحد الدبلوماسيين الرياضيين الأوائل في العالم- ميلو كروتون[2]، وهو مصارع من القرن السادس قبل الميلاد من كروتو، وصاحب مسيرة مصارعة رائعة، إذ فاز في أولمبي ست مرات، وصف بأن له قوة غير عادية، وكان يحمل ويأكل الثيران، كما قاد الجيوش في الثورات الشعبية.

3. سيلفيا ميتيفسكا- دبلوماسية رياضية- رياضية سابقة في الطيران الشراعي- أحدى برامج التوجيه الرياضي العالمي في وزارة الخارجية- وخبيرة في تمكين المرأة والدبلوماسية الرياضية والتعليم الأولمبي. مستشارة رياضية سابقة لرئيس وزراء مقدونيا الشمالية.

الجزء الثاني: الحجة ومواجهة مانديلا

حجتي اليوم بسيطة: حان الوقت للتفكير في طرق جديدة لفهم “قوة الرياضة” وتسخيرها من أجل الخير. فالعالم بحاجة إلى المزيد من الرياضة والمزيد من الدبلوماسية.

ورغم أن المجالين ما يزالان مهمشين وغير مستغلين، إلا أن عندما نجمع المجالين معاً، يصبحان أقوى وأكثر تأثيراً- وبشكل عام- أكثر إثارة للاهتمام.

تعتبر كل من الرياضة والدبلوماسية أدوات قديمة صنعها البشر، للتغلب على القطيعة، ولتعزيز السلام والارتباط بدل الحرب والانفصال، ولبناء النظام والمدنية والسعادة.

في القرن الحادي والعشرين السام والمضطرب- حيث نواجه كل شيء من صراع القوى العظمى إلى تغير المناخ، وعدم المساواة بين الجنسين، والتدهور البيئي وصعود الاستبداد- نحتاج إلى أساليب ونظريات واستراتيجيات جديدة.

لمزيد من السياق، دعونا نبدأ بنيلسون مانديلا، وهو رجل مشهور. أختاره بناءً على المثل الإسكتلندي القائل: “اختر أكبر رجل في الغرفة وابحث عن المتاعب”. ففي عام 2000، عندما تحدث العظيم مانديلا في حفل توزيع جوائز لوريوس، قال:

“الرياضة لديها القدرة على تغيير العالم. لديها القدرة على الإلهام. لديها القدرة على توحيد الناس بطريقة لا يفعلها سوى القليل. إنها تتحدث إلى الشباب بلغة يفهمونها. يمكن للرياضة أن تخلق الأمل حيث لم يكن هناك سوى اليأس في السابق”.

أنا متأكد من أن هذا الاقتباس مألوف لكثير منكم:

– إنه في جميع أنحاء الانترنت.

– يتم استخدامه في الفصول الجامعية حول الرياضة.

– الرياضيون يحصلون عليه.

– والرجل الذي قاله يعرف ما كان يتحدث عنه؛ ففي عام 1995 استخدم مانديلا لعبة الركبي لتوحيد أمته الملونة، القصة مألوفة لمعظمنا.

– ويصف هذا الاقتباس ما يشعر به المليارات من عشاق الرياضة واللاعبين والمدربين، إنها رياضة سامية وروحية وملهمة، أحدى أعلى أشكال التعبير البشري.

– ومانديلا على حق. لا تتجاوز الرياضة الانقسام فحسب؛ إنها لغة عالمية فريدة  لديها قوى خارقة من دون التحدث بالكلمات.

ولكن، تذكر أنني من عالم العلاقات الدولية وليس علوم الرياضة، من تخصص مليء بالنظرية النقدية، حيث معجبو ميكافيللي والواقعيون. لذا، أعتذر لنيلسون فالاقتباس فيه بعض المشكلات الصغيرة:

– إنه بيان مثالي؛ لإعادة صياغة الجدل الكبير حول العلاقات الدولية، فهو بيان يوضح كيف يجب أن تكون الرياضة، وليس كيف تكون.

– إنه غير منطقي؛ فالرياضة موجودة منذ آلاف السنين، وتتمتع بهذه القوة، إذن لماذا لم تغير العالم بالفعل؟

– غالبا ما أقرأ كلمات مانديلا على رجال الأمن المتشددين من الميكيافليين- الأصدقاء الذين يدرسون في كليات الحرب، أو الجنود السابقين، أو أولئك الذين يعملون في صناعة الأسلحة. يبدون في حيرة ويقتبسون المؤرخ الحربي الاغريقي ثيوسيديدز: “الأقوياء يفعلون ما في وسعهم، والضعفاء يعانون ما هو محتوم عليهم”.

– الرياضة لها قوة، كما يقولون، وكذلك حاملة الطائرات الأمريكية التي يبلغ وزنها 70 ألف طن، أو الصاروخ الروسي الأسرع من الصوت.

– المثالية تحجب الجانب المظلم للرياضة:

أ- الحكومات التي تستخدم الأحداث الضخمة لأغراض أيديولوجية علنية.

ب- الغش وتعاطي المنشطات: غالباً ما يفعل البعض أي شيء للفوز.

ج- صحة الرياضيين وسلامتهم، لا سيما إصابات الدماغ والصدمات والاعتلال الدماغي الرضحي المزمن مشكلة مروعة.

د- الفساد في الرياضة: إنها صناعة بمليارات الدولارات، ومعظم الأعمال الرياضية تتم في السر.

في الرياضة كما في السياسة، يطرح سؤال الشاعر الروماني جوفينال: Quis custodiet ipsos custodes؟ أي: من يحرس الحراس؟

هـ- أخيراً، وبشكل مأساوي، يمكن أن تكون الرياضة في كثير من الأحيان وسيلة “للرياضة المناهضة للدبلوماسية”، حيث يمكن استخدام الرياضة لتفريق الناس عن بعضهم البعض، أو للدعاية، أو من أجل الشوفينية والحرب والعنف.

لقد نشأتُ في غلاسكو، اسكتلندا، في الثمانينيات، وكان الشجار بين مثيري الشغب في كرة القدم مرعباً للغاية.

وبالحديث عن العنف بدافع الرياضة، وثقت عالمة أسترالية- الأستاذة كريستين توهي- 192 حادثاً إرهابياً استهدف الأحداث الرياضية بشكل مباشر، من ميونيخ 1972 إلى تفجير ماراثون بوسطن 2013، وسحق طالبان للرياضة العام الماضي.

لا تفهموني خطأ، تصريح مانديلا مهم للغاية- إنه طموح- يمنحنا شيئاً نكافح من أجله، يمنحنا المثالية، أي المكان الأفضل، لكن في مجال عملي- وهو مجال تهيمن عليه القوة الصارمة والأمن والسياسة- أدركت أننا بحاجة إلى مساعدة نيلسون.

حتى وقت قريب، في العلاقات الدولية،- لم يتساءل أحد- نظريا؛ وبصرامة- “ما هو الدور الذي تلعبه، وما الذي يمكن أن تلعبه الرياضة في العلاقات الدولية والدبلوماسية؟”.

لقد انخرط العلماء بشكل رئيسي في الروايات التاريخية المألوفة، مثل دبلوماسية كرة الطاولة 1971، أو الولايات المتحدة/ كوبا ودبلوماسية البيسبول، أو الرياضة والحرب الباردة، إلخ.

ولم تكن هناك نماذج أو نظريات أو مدارس فكرية أو أطر لفهم الدور الضخم الذي نتحدث عنه اليوم. كان هناك بالكاد مفهوم دور الرياضة في العلاقات الدولية.

لم يكن لدينا دورات أو دروس في “الرياضة والعلاقات الدولية” أو “الدبلوماسية الرياضية”. ولا يوجد فصل في الكتب المدرسية. وهذا الأمر ما زال يذهلني في بعض الحكومات اليوم. إذ يُنظر إلى الحقائب الوزارية الرياضية على أنها شيء خفيف؛ هذا الشيء الذي يؤثر على مليارات الأشخاص لا يتم التعامل معه بجدية مثل الدفاع أو التجارة أو الثقافة…

أيضا، عندما أضع نظارتي الدبلوماسية، يصبح لدي المزيد من الأسئلة:

– ما هي الوسائل المحددة للمكان الأفضل لمانديلا؟

– ما هي الدبلوماسية التي سيتم توظيفها للوصول إلى هناك؟

– أي الدبلوماسيين؟

– ما هي إستراتيجية ستغير العالم، والتي يجب تصميمها بدقة وتنفيذها وقياسها.

– ما الذي سيتم التفاوض عليه؟

– ماذا أو مَن سيتم تمثيله؟

– ما هي رسائل السياسة الأساسية التي سيتم توصيلها؟

– ما هي “المعلومات” التي يجب جمعها ونشرها؟

– هل ينطوي تغيير العالم على تغيير القوة؟ سينزعج الناس. كيف يتم التقليل من الاحتكاك الذي لا مفر منه؟

– كيف يمكنني قياس التقدم، أي كيف سأعرف انني وصلت إلى مثالية نيلسون.

الجزء الثالث: أصول الدبلوماسية الرياضية

كان حل هذا النوع من المشاكل هو الجواب عن سؤال:

– كيف ولدت نظرية الدبلوماسية الرياضية؟

– كيف يمكننا تسخير هذه القوة التي يتحدث عنها مانديلا من أجل الخير (النظام، المدنية)؟

– كيف نصل إلى هذه المثالية؟

– ما هي الوسائل حتى النهاية؟

أولاً، أعمل على الكثير من الأعمال الأكاديمية القديمة والجيدة لتحديد المصطلحات. إذ تتمثل الدبلوماسية الرياضية في أبسط صورها في الاستخدام الاستراتيجي للرياضة لتقريب الناس والدول والمؤسسات من بعضهم البعض من خلال التقارب المتبادل في المساعي البدنية.

إنه مصطلح جديد مكتوب بحروف كبيرة يصف الحاجة القديمة والجوهرية للبشر للعب بدلاً من القتال (أو كالقتال على نحو دقيق).

وهنا فضلتُ دائما كتاب يوهان هوزينجا لعام 1938 وعنوانه “Homo Ludens” (الرجل اللاعب) على Homo Sapiens (رجل السراويل الأنيقة).

هذه الملاحظة ليست جديدة- في الواقع، يجادل العديد من الفلاسفة وعلماء النفس والأنثروبولوجيا التطورية بأن الرياضة والدبلوماسية منسوجتان في حمضنا النووي- جسم الإنسان وعقله مرتبطان بالرياضة- علاقة الرياضة بالنجاة، على سبيل المثال (الجري، الصيد، السباحة).

حيث يشير أرسطو إلى البشر على أنهم “حيوانات سياسية”، لكنني أفضل أن أعتبرنا “رياضيين ودبلوماسيين”.

وللتوضيح، دعنا نقفز في آلة الزمن، ونشارك التاريخ، أو ما قبل التاريخ، يجب أن أقول- إن أصول الدبلوماسية الرياضية تعود إلى ما قبل التاريخ وتعود إلى ما قبل 60 ألف عام (على الأقل!). وهذه النقطة مهمة؛ فهي تثبت أهمية الدبلوماسية الرياضية للمجتمعات البشرية منذ البداية.

وهنا، اسمحوا لي أن أحكي قصة “أصل” الدبلوماسية الرياضية:

قبل عشرات الآلاف من السنين، مارس الأستراليون الأوائل الدبلوماسية الرياضية كوسيلة لتجنب الحرب والتغلب على القطيعة والاحتفال بالثقافة:

في عام 1788 عندما حُولت أستراليا إلى مستعمرة عملاقة لمعاقبة الجناة من قبل البريطانيين، زعموا أن الأرض كانت فارغة، وأنه لا يوجد أحد يعيش هناك- ما أسموه حينها: الأرض الجنوبية المتخفية. ولم يكن ذلك صحيحاً على الإطلاق، بل مجرد كذبة قانونية ومفيدة لتبرير الاستعمار.

ففي عام 1788، بلغ عدد أول شعب في أستراليا حوالي 750.000 وانقسم السكان إلى ما يقرب من 500 مجموعة عشائرية أو “أمم”، لكل منها ثقافة مميزة ونظام معتقد ولغة (Hughes 1988, 47). وكانت الأمم مختلفة ومنقسمة ومنفصلة وأحياناً معادية لبعضها البعض، لكنهم جميعاً يتحدثون اللغة المشتركة للرياضة.

1. Battendi باتندي: لعبة رمي الرمح.

2. Marngrook مارنجروك: شكل من أشكال كرة القدم، يتم لعبها بكرة مصنوعة من جلد الكنغر المخيط أو جلد الأبوسوم.

3. Koolche كولتشي: لعبة رمي الكرة وضربها.

وهذه أمثلة جيدة لألعاب السكان الأصليين الشائعة التي تم لعبها بين مجتمعات سياسية منفصلة (Blanchard 1995). وكانت لهذه الألعاب أغراض عديدة للسكان الأصليين الأستراليين:

– “استيعاب” أو التخفيف من حدة الصراع.

– لزيادة التواصل بين القبائل.

– لتسجيل التقاليد القبلية والاحتفال بها.

– لتعليم الشباب وليصبحوا في نهاية المطاف مقدمي خدمات قبليين فعالين.

– ولتذكير الكبار بالمهارات المطلوبة لفن الحكم الجيد والسياسة والدبلوماسية (Salter 1974، 5-16).

بعض الألعاب، مثل  برون Prun، تحاكي الحرب، وكانت وسيلة مشتركة لتجنب أشكال الصراع المميتة الحقيقية. يصف سالتر (1974، 11) Prun بأنها نوع من الحرب الصورية المستخدمة كوسيلة لتسوية النزاعات بين مجموعات منفصلة من مجتمعات السكان الأصليين. يقوم كل من الرجال والنساء بإطلاق الرماح والدروع والسترات الواقية من الرصاص وارتداء الملابس الأنيقة وطلاء الجسم، ويدخلون ساحة “القتال” المحددة وتبدأ “الرياضة”. لا تزال اللعبة تُلعب حتى يومنا هذا ولنفس الأسباب بالضبط.

تتضمن prun الكثير من الاستهزاء، والإساءة اللفظية، وضرب الدروع، ورمي الرماح والأذرع، ولكن بطريقة غير عنيفة؛ الحرب بدون الرمح، على حد تعبير أورويل.

وفي جولتنا عن الاصل منذ آلاف السنين، فإن الأولمبياد القديم هو مثال رائع على “المزج” بين “الرياضة” والدبلوماسية:

بدأت في عام 776 قبل الميلاد “في إطار ديني كأحد الأنشطة خلال مهرجان زيوس”، ثم تحولت لاحقاً إلى مسابقة رياضية شهيرة، وألغيت أخيراً في عام 394 م من قبل الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول كجزء من حملة لإلغاء الوثنية وفرض المسيحية كدين للدولة (Hugh 1998).

وكما تعلمون، خففت الهدنة الأولمبية من حدة الصراع بين دول المدن اليونانية المتنوعة ووفرت للرياضيين والمتفرجين والمسؤولين الحماية أثناء السفر من وإلى الألعاب.  Ekecheriaالكلمة اليونانية التي تعني الهدنة؛ سمحت للناس بالسفر بأمان، حتى أثناء الرحلات عبر أراضي العدو.

وفي حين أن سبارتا وأرغوس وأثينا ومدن أخرى كان لديها منافسات عسكرية، كانت الرياضة شيئاً مشتركاً بينهم جميعاً. بعبارة أخرى، تجاوزت الرياضة السياسة والعلاقات الدولية.

والخلاصة: في حين أن أصول الدبلوماسية الرياضية قديمة، فمن الواضح أن الإغريق القدماء أخذوها إلى مستوى آخر.

الجزء الرابع- منظور الدولة

لننتقل إلى منظور الدولة:

منذ مئات السنين، بدأت النخب الحاكمة ورؤساء الدول والدول ذات السيادة في ادراج الرياضة كأداة دبلوماسية، لنأخذ على سبيل المثال قمة “قماشة الذهب” عام 1520 لزيادة روابط الصداقة بين بريطانيا وفرنسا.

بعد حرب المائة عام (1337-1453)، التقى الملك هنري الثامن ملك إنجلترا والملك فرانسوا الأول واستضافا قمة فخمة في حقول القماش من الذهب في شمال فرنسا. وهي نوع من الأحداث الرياضية الضخمة في العصور الوسطى، أو قمة الدبلوماسية الرياضية. ولمدة أسبوعين، تصارع فرانسوا وهنري وحاشيتهم في أحداث الرماية وتنافسوا عليها كوسيلة لتعزيز أواصر الصداقة بعد توقيع معاهدة الأنجلو الفرنسية لعام 1514 (Mattingly 1938).

لقد تم توظيف الرياضة بشكل استراتيجي لتوطيد العلاقة المتوترة بين فرنسا وإنجلترا.

من هذه القصة، يتضح شيء واحد: عندما تؤدي الرياضة وظيفة خارج مجال اللعب، فغالباً ما يتم اختيارها من قبل الملوك والملكات والحكام والحكومات- من جميع الأنواع. كما يذكرنا العالم لينكولن أليسون: جميع أنواع الحكومات أيدت المنافسة الرياضية الدولية كأرض اختبار للأمة أو لـ “نظام” سياسي. النازيون الألمان، الفاشيون الإيطاليون، الشيوعيون السوفيتيون والكوبيون، الماويون الصينيون، الديمقراطيون الرأسماليون الغربيون، المجالس العسكرية في أمريكا اللاتينية- كلهم لعبوا اللعبة وآمنوا بها.

الدبلوماسية الرياضية هي ببساطة جزء من بيئة العلاقات الدولية؛ فكل الدول تفعل ذلك.

بالنسبة لجميع الحكومات، فإن الرياضة ليست سوى وسيلة لتحقيق غاية السياسة. ويمكن تعريف هذا الشكل التقليدي والتاريخي من الدبلوماسية الرياضية على أنه “الاستخدام الانتهازي والاستغلال الاستراتيجي، وفي بعض الحالات، إساءة استخدام رياضة النخبة، لتعزيز أهداف السياسة الخارجية (جيدة أو سيئة)”.

في رياضة أواخر القرن العشرين، على سبيل المثال، تم استخدام الرياضة علناً كأداة سياسية – “الحرب بدون إطلاق النار” كما أشار المؤلف الإنجليزي جورج أورويل في عام 1947 إلى “إساءة استخدام” الرياضة للتعبير عن الأيديولوجية السوفيتية:

-الخيار المشترك بين أولمبياد 1936 وكأس العالم 1938 من قبل الأنظمة الفاشية.

-المقاطعات المنتظمة للبطولات (ألعاب موسكو 1980 من قبل الولايات المتحدة، والعكس بالعكس، ألعاب لوس أنجلوس 1984 التي قاطعها الاتحاد السوفيتي وثلاث عشرة دولة.

-أو الدور الذي لعبته الرياضة في عزل التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، كلها أمثلة جيدة ومعقدة.

الجزء الخامس- النظرية

إذن ما الذي يجب أن نستخلصه من كل هذا التاريخ والرياضة والدبلوماسية؟

لقد صنعنا نظرية، أو أربعة على وجه التحديد. وفي مجال تخصصي، تعتبر النظرية والتاريخ والاستراتيجية أمراً ضرورياً. ومن التاريخ يمكننا بدء التعميم:

– للرياضة عنصر دبلوماسي (والعكس صحيح؛ وهذا موضوع أخر).

– الرياضة ليست متجانسة. إنها ظاهرة معقدة يستخدمها أشخاص وأمم ودول مختلفة للعديد من الأغراض المختلفة.

– وحتى وقت قريب، لم يقم أي باحث أو ممارس في العلاقات الدولية أو الدبلوماسية بحفر عميق (كانت هناك فجوة هائلة فيما نعرفه أو لا نعرفه عن الدور الذي تلعبه الرياضة في العلاقات الدولية).

لماذا تعتبر نظرية الدبلوماسية الرياضية مهمة؟

لأنها تعطينا تعريفاً قياسياً. ومن المهم جداً “معرفة الشيء الرئيسي المرجعي الخاص بك” في مجال غامض وزلق مثل الرياضة والدبلوماسية:

“يمكن تعريف الدبلوماسية الرياضية على أنها الاستخدام الواعي والاستراتيجي للرياضيين والأحداث الرياضية من قبل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية للمشاركة والإعلام وإنشاء صورة مواتية بين الجماهير والمنظمات الأجنبية، لتشكيل تصوراتهم بطريقة (أكثر) ملائمة لأهداف المجموعة المرسلة”. (Murray, 2020 – Oxford paper)

فهل النظريات والنماذج والمدارس الفكرية، عدسة أو فلاتر تجعل المشهد الرياضي الدولي المعقد، أكثر وضوحاً؟ أو هل هي أشياء تساعدنا على الرؤية بشكل أكثر وضوحاً؟

الجواب هو نعم. وسأعود إلى ذلك في ملاحظاتي الختامية.

شكل1.1

الدبلوماسة الرياضية التقليدية   الخيار المشترك المتقطع للرياضة من قبل الدول لتحقيق أهداف قومية صريحة. أواخر القرن التاسع عشر حتى الوقت الحاضر. مع الدول فقط.الدبلوماسية الرياضية   شراكات متبادلة بين الرياضة والحكومة والقطاع غير الحكومي في القرن الحادي والعشرين.
الرياضة كدبلوماسية   التفاوض المتخصص والاتصال والتمثيل المطلوب لجعل الرياضة الدولية ممكنة. يصف أيضاً سياسات الفاعلين الرياضيين غير الحكوميين. بلا الدول.مناهضة الدبلوماسية الرياضية   إساءة استخدام الرياضة لأغراض غير أخلاقية أو فاسدة أو مسببة للانقسام عمداً.

نقطة: نظرية الدبلوماسية الرياضية تنمو

من الورقة الأولى للمجال “الجديد” في عام 2011، لدينا الآن 270 ورقة بحثية وفصول كتب تمت مراجعتها من قبل الزملاء، و5 أو 6 كتب محررة، ودراسة واحدة أو اثنتين، والكثير من أطاريح الدكتوراه القادمة أيضاً، بما في ذلك واحدة أشرف عليها الآن، بعنوان: الدبلوماسية الرياضية ذات الخصائص الصينية.

من ذلك، أحب أن أفكر: أين سنكون بعد عشر سنوات أخرى؟.

وهذا السؤال أحد أسباب وجودي هنا. إنه نقاش حول أكاديمية الدبلوماسية الرياضية مع الأكاديمية الأولمبية الدولية، وتفكير في دورات حول الدبلوماسية الرياضية (عبر الإنترنت، شخصياً، دورات دراسية مجانية، تنفيذي، سمها ما شئت)- لزيادة نشر المعرفة في جميع أنحاء العالم.

تتزايد دراسة الدبلوماسية الرياضية، وهذا شيء جيد، ونحن بحاجة إلى المزيد من الرياضة والمزيد من الدبلوماسية.

الجزء السادس: ممارسة الدبلوماسية الرياضية

يمكننا الآن أن ننتقل إلى العالم الحقيقي- ونسأل: “كيف تبدو ممارسة الدبلوماسية الرياضية؟”

الحكومات:

1. بدأ الأمريكيون الممارسة “الجديدة” مع اتحاد الرياضة SportsUnited، وهي سلسلة من برامج الدبلوماسية الرياضية لما بعد 11 سبتمبر تهدف إلى إشراك الشباب والمسلمين في إفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا، وهذا “الجمهور” لم يتحدث الإنجليزية وهم بحاجة إلى رسل جدد لايصال رسائل السياسة الخارجية الخاصة بهم.

2. ذهب الأستراليون إلى أبعد من ذلك: لسنوات، سمعتُ أن أستراليا تقول “الرياضة هي ديننا”، “لا أحد يحب الرياضة مثلنا”، أو “إنها مهمة للغاية لثقافتنا ومجتمعنا”. ومع ذلك، هل ظهرت في دبلوماسيتهم، التي تهدف، بعد كل شيء، إلى تمثيل الثقافة والمجتمع والقيم الأسترالية.. بالإضافة إلى المصالح الوطنية؟.

في عام 2015، أنتج الاستراليون أول استراتيجية دبلوماسية رياضية في العالم (الدبلوماسية الرياضية 2015-2018)، وفي عام 2019، أنتجوا الثانية (الدبلوماسية الرياضية 2030). وسيتم تجديدها كل أربع سنوات.

فهل يمكنك، على سبيل المثال، استخدام الدبلوماسية الرياضية لكسب القلوب والعقول والأجساد عبر المحيط الهادئ؟ نعم! ألق نظرة على PacificAus Sports (2019 – 2023).

ولماذا تستخدم الحكومات الرياضة استراتيجياً كأداة للدبلوماسية؟

  • الدبلوماسية الرياضية “منخفضة المخاطر ومنخفضة التكلفة وذات أهمية كبيرة”.
  • غالبا ما تؤدي العلاقات غير الرسمية التي تُبنى من خلال الرياضة إلى علاقات رسمية طويلة الأمد.
  • تضخم الدبلوماسية الرياضية صورة السياسة الخارجية للدولة والشعار والثقافة والقيم.
  • المفهوم مبتكر ويولد اهتمام الجمهور بالشؤون الدولية في الداخل والخارج.
  • الدبلوماسية الرياضية تخلق شراكات مستدامة بين الإدارات الحكومية والمنظمات الرياضية والشركات والمؤسسات الأكاديمية.
  • من خلال بناء هذه الفرق المتعددة، فإنها تولد توفير في التكاليف وتشجع على نتائج متبادلة ومربحة للجانبين.
  • تعمل استراتيجيات الدبلوماسية الرياضية على زيادة تصنيف القوة الناعمة للأمة والمظهر الدولي لمدنها ومناطقها.

وهلم جرا.

مستوحى من الأستراليين (ونعم، أنا متحيز)، الكثير من الفاعلون الممارسون للدبلوماسية الرياضية:

1. الدول الأخرى ذات السيادة: نيوزيلندا، فرنسا، المملكة العربية السعودية، إسبانيا، هولندا، الإمارات العربية المتحدة.

2. الدول الفرعية: ويلز وبلاد الباسك.

3. المناطق- الاتحاد الأوروبي.

4. الرياضيون: وهو مجال رائع للبحث فيه وكتابة ورقة عن النشطاء الرياضيين مقابل الدبلوماسيين الرياضيين. رغم أنها ظاهرة ليست عالمية، ولا تنجح حقاً خارج الديمقراطيات الليبرالية الغربية، كما أن اصحاب السلطة لا يحبون النشطاء.

5. الأنظمة الرياضية: بدأ القليل منها في فهم أنها تروس حيوية في مشهد الدبلوماسية الرياضية، أو ما أسميه “المجتمع الدولي للرياضة” النظام العملاق في العمل 24/7/356؛ حيث الملايين من الناس الذين يعملون لإنتاج وإعادة إنتاج الرياضة الدولية.

اتحاد ألعاب الكومنولث، هو مثال جيد، وقد عملنا معهم عام 2018، في ألعاب جولد كوست كومنولث (برنامج GAPS)؛ ونجري حالياً تدقيقاً للدبلوماسية الرياضية من أجلهم، وسألتقي قريباً بالاتحاد الدولي للسباحة لمناقشة استراتيجية- ثم هناك الآباء الكبار، اللجنة الاولمبية الدولية والأكاديمية الاولمبية الدولية، الذين سنلجأ إليهم.

الجزء السابع: تحليل الدبلوماسية الرياضية للجنة الأولمبية الدولية

بالعودة إلى فقرتنا الثالثة (الرياضة كدبلوماسية): هل يمكننا التفكير في الأنظمة الرياضية على أنها جهات فاعلة دبلوماسية؟ حسنا، في الدبلوماسية الرياضية، نعم.

دعنا نستخدم اللجنة الأولمبية الدولية كمثال، إلى جانب الدول، فإن أكبر اللاعبين في مجال الدبلوماسية الرياضية هم اللجنة الأولمبية الدولية وأحداثها الضخمة: الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية. ولا توجد أحداث رياضية ضخمة أخرى تجمع بين مجموعة متنوعة من اللاعبين.

في ريو، 2016، على سبيل المثال، مائتان وسبعة فريق، وأعضاء اللجنة الأولمبية الدولية، اللجان الاولمبية الوطنية، الاتحادات الرياضية الدولية، والملوك والملكات، ورؤساء الدول، والجهات الراعية، والشركات الإعلامية ومقدمي خدمات الأمن، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، والمشجعين، ومتطوعين وعمال، كل أولئك اجتمعوا معاً لتسهيل القليل من الرياضة ومشاهدتها والاحتفال بها والاستمتاع بها. كما أن جمهوراً عالمياً يبلغ عددهم بالمليارات تابعوا وشاركوا بوعي في أحد أكثر رموز العولمة حماسة وانتظاماً.

يوجد لدى اللجنة الأولمبية الدولية أب مؤسس رائع وهو بيير دي كوبرتان، عام 1894 قال: “أرفع كأسي إلى الفكرة الأولمبية، التي اجتازت ضباب العصور مثل شعاع من ضوء الشمس القوي وعاد ليضيء عتبة القرن العشرين مع بصيص من الأمل السعيد (Miller 2012 ، 28). واليوم لدى الالعاب الأولمبية شعور بالسيادة على العديد من الألعاب الرياضية، ولها علم ودستور وميثاق ورئيس، ولديها ممثلون، أشخاص يجسدون الأولمبية، كما يذكرنا فرانسوا دي كاليرز: “يجسدون التزاماً أخلاقياً تجاه الإنسانية”. ولديها دبلوماسيون رياضيون يتشاركون في العديد من أوجه التشابه مع الدبلوماسيين المحترفين.

من حيث الخبرة والاعتبار والمدى والحجم والتمويل، فإن اللجنة الأولمبية الدولية لديها مهمة دبلوماسية ووسم وقدرة وقوة لا يمكن للعديد من الدول إلا أن تحلم بها. وتمارس هذه الدبلوماسية بشكل استراتيجي لتعزيز السلام والمساواة والكرامة واللعب النظيف والمجتمع في جميع أنحاء العالم.

إن الروح الأولمبية والميثاق والهدنة معاهدات مهمة للغاية للرياضة والإنسانية والدبلوماسية.

وهنا نسأل: ما الفرق بين الدبلوماسية الأولمبية والدبلوماسية الرياضية؟

تتمتع اللجنة الأولمبية الدولية بأصول دبلوماسية رياضية تعود إلى آلاف السنين، وهناك عمل على الدبلوماسية الأولمبية، على هذا النحو:

  • عمل آرون بيكوم- Beacom, A (2012). الدبلوماسية الدولية والحركة الأولمبية. في الدبلوماسية الدولية والحركة الأولمبية (ص 17 – 39). الصادر عن Palgrave Macmillan، لندن.
  • وكتاب البروفيسور جانجاس Gangas’s لعام 2022 “الحركة الأولمبية والسياسة الدولية”، والذي أوصي به بشدة.

كيف يختلف الاثنان: الدبلوماسية الاولمبية والدبلوماسية الرياضية؟

أولا، لست متأكداً تماماً، لكن تعلق الدبلوماسية الاولمبية بتحقيق أهداف اللجنة الأولمبية الدولية (وإلى حد ما، أفكار كوبرتان الأصلية، وبالطبع الإغريق من قبل ذلك. كما أن “الدبلوماسية لتعزيز المبادئ الأساسية للحركة الأولمبية (انظر الصفحتين 11 و 12 من الميثاق الأولمبي) والمساهمة من خلال الرياضة في تعزيز السلام والتعايش والتسامح وعدم التمييز بين البلدان والمجتمعات والأعراق”.

أيضاً تتعلق الدبلوماسية الرياضية بأهداف الرياضة والدبلوماسية- للتغلب على القطيعة، ولقول ما يجب أن يقوله هذان المجالان من الدراسة عن بعضهما البعض، وللسؤال كيف يمكن للدول والجهات الفاعلة الأخرى أن توظف الرياضة وتقيسها بشكل استراتيجي- كأداة للدبلوماسية.

التطوير التنظيمي هو “فاعل” واحد ومحدد من حيث أهدافه. والدبلوماسية الرياضية تعددية وهي كبيرة ومجردة و”متحولة” عن قصد. أما الدبلوماسية الرياضية فإنها تتعلق بالتعاون المتبادل بين مجالين- وحول تطبيق الوظائف الأساسية للدبلوماسية على الرياضة (والعكس صحيح).

باختصار، هناك الكثير من العمل الذي ينتظرنا، والكثير يمكن أن يتعلمه المجالان من بعضهما البعض.

الجزء الثامن- الأكاديمية الاولمبية الدولية والاكاديمية الدبلوماسية الرياضية والمستقبل

أحاول تشكيل تحالف عالمي لربط اللاعبين المهتمين بالرياضة والدبلوماسية والسلام والإنسانية والواقع. فالعالم يئن من كثرة السكان، وتغير المناخ، وندرة الموارد، وأزمة الطاقة والصراعات، ومجموعة هائلة من قضايا الأمن البشري الرهيبة لاضطهاد المرأة، ونقص الغذاء والتعليم والمياه. والدول وحدها لا تستطيع التأقلم.

ومن هنا جاء التحالف الكبير بين الرياضة والدبلوماسية. بالتعلم من أفضل النظريات والممارسات الدولية، لكن كيف يمكننا التعاون؟ كيف يمكننا العمل معا- في فريق عالمي واحد كبير- لمعالجة كل تلك المشاكل الأمنية القديمة والجديدة المروعة والمتضاعفة التي تجوب الكوكب؟

نحن بحاجة للمساعدة، وهذا هو المكان الذي نتحث عنه، والمجال مفتوح للأفكار- كل الأفكار.

فيما يلي القليل منها:

1. الأصول والنظرية: ما هي الدبلوماسية الرياضية للجنة الأولمبية الدولية؟

2. البحث: إنتاج مجموعة من البحوث. أساس لبناء مفهوم دبلوماسية الرياضة الأولمبية.

3. التعليم مهم كذلك.

4. هذا مثير للغاية- ماذا سننظّر ونبحث ونبشر؟ المجالات التالية: استراتيجية الدبلوماسية الرياضية، ودبلوماسية الرياضة الأولمبية، ودبلوماسية المرأة والرياضة، والجذور، وتكنولوجيا الرياضة والدبلوماسية، والرياضة من أجل الدفاع (القوة الصلبة)، وما إلى ذلك.

5. ترجمة دبلوماسية الرياضة إلى ممارسة- نعمل غالباً مع الحكومات والشركات والاتحادات والأنظمة على ما يسمى باستراتيجية الدبلوماسية الرياضية.

6. زاوية استراتيجية الدبلوماسية الرياضية. ولها مساران:

أ- نحو استراتيجية دبلوماسية رياضية يونانية- أي الحكومة- مرة أخرى، وهي مراجعة واستراتيجية بسيطة تعتمد التصميم والتنفيذ: المراقبة والتقييم.

وما هو الدور الذي تلعبه الرياضة، وما تفعله، ويمكن أن تلعبه في السمة اليونانية والدبلوماسية والسياسة الخارجية؟ (يمكن طرح نفس السؤال على العديد من الدول).

ب- نحو إستراتيجية دبلوماسية رياضية للجنة الأولمبية الدولية أو الأكاديمية الاولمبية الدولية على الاكاديمية الدبلوماسية الرياضية. وحيث أقمنا شراكة مع الحكومات والأمم المتحدة والرياضيين وشركات التكنولوجيا الرياضية والمدن والكثير من الآخرين لكننا لم نعمل بشكل كامل مع نظام رياضي، ويسعدني جدا أن تكون أول واحدة لدينا هي اللجنة الاولمبية الدولية أو الأكاديمية الاولمبية الدولية.

والسؤال لشراكتنا الجديدة: كيف يمكننا إشراك الأكاديمية الاولمبية الدولية بشكل “أكثر” في مشاريع الدبلوماسية الرياضية الحالية والعالمية والشركاء والهيئات البحثية؟

الجواب- أولاً- أن تدرك أنك بالفعل دبلوماسي رياضي بامتياز- لديك “قشرة” في لعبة الدبلوماسية الرياضية.

هذه اللعبة، كما ذكرت، هي لعبة خطيرة للغاية حيث يواجه جميع البشر ارتفاع درجة حرارة المحيطات، والديكتاتوريين، والمؤسسين الذين ينتمون إلى العصور المظلمة.

وللتكرار، تعتبر كل من الرياضة والدبلوماسية آليات حيوية قديمة أنشأها البشر لحل المشكلات السياسية والدبلوماسية، لكننا نحتاج إلى طرق جديدة للتفكير وممارسة كليهما.

أتذكر عندما كانت أساليب “الحكومة بكاملها” تجاه مشاكل الأمن الدولي في غاية الغضب. ثم “أمة بأكملها”. ثم “المجتمع بأسره”.

وبالنظر إلى تغير المناخ، أو عدم المساواة بين الجنسين، أو صراع القوى العظمى والعدوان، أعتقد أننا بحاجة إلى مناهج “العالم بأسره”.

لذا فالدبلوماسية الرياضية هي مفهوم وطريقة جديدة تلخص العملية والأنظمة والآلية المطلوبة لإنشاء- أو إعادة إحياء- عالم مانديلا المثالي. إنها منهاج مختلف لأي شيء شوهد حتى الآن.

تختلط الرياضة والسياسة- وقد فعلا ذلك منذ ظهور المجتمعات السياسية- لكنهما ما زالا يفعلان ذلك بشكل مربك. ومن ناحية أخرى، يبدو أن الرياضة والدبلوماسية تمتزجان جيداً معاً- وهو أمر يمكننا التحقق منه عبر جميع فترات التاريخ.

الدبلوماسية الرياضية ليست مقاربة مثالية، لكنها منهج عملي- إنها نظرية تجعل المشهد الرياضي المعقد من حولنا أكثر وضوحاً- إنها طريقة تعترف بالقيود والفرص التي توفرها قوة الرياضة (لكل شخص؛ للجميع؛ الجيد والسيء).

خاتمة

قطعت نظرية وممارسة الدبلوماسية الرياضية شوطاً طويلاً منذ عام 2011. وبمجرد أن يتم شرح ذلك، فإن معظم الناس “يفهموها” ويرون القيمة فيها، ولكن لا تزال هناك جبال لتسلقها.

لم يعد العالم الذي وصفه مانديلا غامضاً وغير متبلور. فقد بدأت الخرائط والأنماط والشركاء في الظهور.

يحتوي المجال الآن على استراتيجيات وسياسات ومحادثات وأبطال ومقالات صحفية وكتب والعديد من الأصدقاء والداعمين في الأماكن الصحيحة.

لدينا فريق عالمي متنامٍ، وأرحب بكم جميعاً للانضمام إليه- إذا كانت لديكم أي أفكار، أو كنتم بحاجة إلى مساعدة، فيرجى مراسلتي.

مرة أخرى، لقد استمتعت حقا باللقاء والاستماع إلى قصص واحتياجات ومخاوف الدبلوماسية الرياضية الخاصة بكم.

في النهاية، دعونا نستعرض القوة النظرية للدبلوماسية الرياضية، ومن خلال إعادة صياغة قول أحد أعظم الدبلوماسيين الرياضيين على الإطلاق، نيلسون مانديلا (ولا أعتقد أنه سيعارض ذلك):

“الدبلوماسية الرياضية لديها القدرة على تغيير العالم. من خلال تقديم النظرية والتاريخ والاستراتيجية، فلديها القدرة على الإلهام. لديها القوة الدبلوماسية لتوحيد الناس واللاعبين والسياسيين بطريقة لا يفعلها سوى القليل. إنها تخاطب جميع الناس والأمم والرياضة بلغة يفهمونها. تخلق الدبلوماسية الرياضية الأمل والمسارات والشراكات، حيث لم يكن هناك سوى اليأس في السابق”.

حسنا، قد لا يزال هذا الجزء الأخير مثالياً بعض الشيء، خاصة إذا كنت تتابع فريق كرة القدم الوطني الاسكتلندي.

شكراً جزيلاً لكم على الاستماع وأتطلع إلى التحدث- وأتمنى- العمل معكم جميعاً في المستقبل القريب جدا.

بدأت اللعبة ، كما نقول.


[1] This speech was built from two publications: A) Murray, S. 2018. Sports diplomacy: origins, theory and practice. Oxford, Routledge. B) Murray, S. (2020). Sports Diplomacy: History, Theory, and Practice. In Oxford Research Encyclopedia of International Studies. Oxford University Press.

[2] تصور لوحة زيتية للفنان الفلمنكي جوزيف بينوا سوفيه في القرن الثامن عشر، ميلو كروتون ويده عالقة في جذع شجرة عندما كان يحاول تمزيقها، فتفاجئته مجموعة من الذئاب (في الإصدارات الأحدث: أسد) وتأكله. البطل الأولمبي لست مرات، فاز بمصارعة الأولاد (ربما في 540 قبل الميلاد)، وبعد ذلك خمسة ألقاب في مصارعة للرجال بين 536 و520 قبل الميلاد. كما فاز بسبعة تيجان في دورة الألعاب البيثية في دلفي باليونان (واحد منها عندما كان صبياً)، وعشرة في الألعاب البرزخية، وتسعة في ألعاب نعمان. كما فاز ميلو ببطولة الدوري خمس مرات، وهي نوع من “البطولات الأربع الكبرى” تُمنح للفائز في جميع المهرجانات الأربعة في نفس الدورة. بدت مسيرة ميلو على أعلى مستوى من المنافسة وامتدت 24 عاماً. ولتخويف خصومه؛ كان يتناول لحم الثور النيء أمامهم ويشرب الدم الخام للحصول على الطاقة والحيوية.

Tags: No tags

Comments are closed.