الاعلام وصناعة البطل

       صناعة البطل إعلاميا

عاملان يحكمان  هذه العملية :

  • الحرية .
  • –          التخصص .

الحرية في الاعلام :

 ليس في وسع الاعلام بكل وسائله المساهمة في صنع البطل في أي ميدان , اذا  لم تتوفر له الحرية لكي يؤدي مهمته بشكل دقيق , وفي غياب الحرية على الأقل نسبيا فان الاعلام قد يستطيع المساهمة في صناعة البطل الا ان ذلك البطل قد لا يكون حقيقيا , أي محض بالون أعلامي , كما في صناعة الديكتاتوريات الحاكمة , او في النجوميات المزيفة .

لذا لابد من ملاحظة النظرية السائدة في المجتمع الذي تعمل فيه وسائل الاعلام لكي نحدد الخطوات التي تساهم في صناعة البطل , ونظريات الأعلام على وفق تصنيف الحرية هي :

نظرية السلطة :

هي اقدم النظريات فقد  ظهرت في أواخر عصر النهضة بعد اختراع الطباعة مباشرة ، وترتبط بنظم الحكم الاستبدادية حيث تسيطر الدولة على اجهرة الاعلام بغرض تعبئة الشعب لخدمة أهدافها.

وتستند هذه النظرية على مذهب الحق الألهي الذي ساد قبل عصر النهضة الاوربية .

تفرص هذه النظرية عدة قيود على الاعلام مثل:

– قيود التراخيص

– قيود الرقابة

– قيود الضرائب 

– قيود الأموال السرية

ورغم عيوب هذه النظرية  الا ان الكثير من الدول النامية تأخذ بها ويعود سبب انتشارها في العالم الثالث الى سيطرة العسكر على نظم الحكم او سيطرة احزاب دينية .

اما المبادئ الأساسية التي تقوم عليها هذه النظرية فهي :

١-وسائل الاعلام يجب ان تؤيد السلطة القائمة بشكل دائم .

٢-يحظر على وسائل الاعلام نشر ما يمكن ان يؤدي الى أية إساءة للطبقة الحاكمة او النخبة او لقيمها السياسية والأخلاقية.

٣-يتعرض الاعلاميون الى كثير من العقوبات

٤-لايتمتع الاعلاميون بأي استقلال داخل منظماتهم المهنية او المؤسسات الي يعملون بها.

النظرية الليبرالية -الرأسمالية :

أسهمت الصحافة في اوربا بكفاحها للتحرر من سيطرة الدولة في إرساء دعائم هذا النظام ،

ويعد القانون الذي أصدره البرلمان البريطاني خلال القرن الثامن عشر اول انتصار لهذه النظرية اذ اكد فيه على حظر اية  رقابة مسبقة على النشر ، كما سمح للافراد اصدار الصحف دون الحاجة الى الحصول على تراخيص .

ثم جاء دستور الولايات المتحدة الامريكية ليحظر تدخل الدولة في مجال حرية الصحافة حيث نص على انه يحظر على الكونغرس ان يصدراي  قانون يقيد حرية التعبير .

اما اهم الأسس التي تقوم عليها هذه النظرية  فهي :

١-يجب ان يكون النشر حراً من اية رقابة مسبقة .

٢-كل شخص او مجموعة اشخاص يملك حق امتلاك وسائل الاعلام بلا رخصة مسبقة من الحكومة

٣-لايعاقب على أي نقد موجه الى الحكومة او المسؤولين الرسميين .

٤-عدم وجود قيود على جمع المعلومات للنشر بالوسائل القانونية .

٥-يجب ان يتمتع الصحفيون بالاستقلال المهني داخل منظماتهم ومؤسساتهم .

الا ان المشكلة في أوضاع وسائل الاعلام في اوربا وامريكا  خلال النصف الثاني من القرن العشرين  الى اليوم ، انها ابتعدت كثيراً جداً عن الأفكار الليبرالية نتيجة سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على وسائل  الإعلام ووصول التركيز والأحتكار الى معدل لايمكن ان تحقق معه التعددية ، حيث لم يعد سوى ٢٠٪؜  فقط  من الصحف الامريكية يمتلكها افراد و ٨٠٪؜ تخضع لملكية الاحتكارات الكبرى  , ولا شك ان المشهد تغير من حيث الممارسة بتفجر الثورة الاتصالية الحديثة من جهة التقنيات والمضامين .

النظرية الشيوعية :

ولهذه النظرية أسماء أخرى مثل النظرية السوفيتيه او النظرية الاشتراكية ، او  البلشفية  او الشمولية وقد ظهرت في الربع الأول من القرن العشرين ، وكثيرون يصنفونها ضمن نظرية السلطة ، وعلى وفق هذه النظرية فأن أجهزة الاعلام تعد جزءً لا يتجزأ من جهاز الدولة الشيوعي ولا يملكها فرد ، ويديرها الحزب ، وتقوم هذه النظرية على المبادئ التالية :

١-ربط أجهزة الاعلام بالمجتمع ربطاً وثيقاً وتتحرك داخل اطار ترسمه السياسة العامة للدولة .

٢-حرية الرأي للنظام القائم دون مناقشة المبادئ الأساسية .

٣- أجهزة الاعلام لا تسعى الى الربح وانما الى تحقيق الأهداف التي يحددها الحزب .

٤-لايمكن الفصل بين وسائل الاعلام وشبكات الاتصال المباشرة الممثلة في كوادر الحزب .

نظرية المسؤولية الاجتماعية :

ظهرت أصول هذه النظرية في تقرير اللجنة الامريكية لحرية الصحافة التي عرفت بلجنة هوتشنز عام ١٩٧٤ وتقوم هذه النظرية على محور إيجاد توافق بين استقلال الصحافة والتزامها نحو المجتمع .

اما اهم المبادئ التي ترتكز عليها فهي :

١-وسائل الاعلام يجب ان تنفذ التزامات معينة للمجتمع .

٢- الالتزامات يمكن تنفيذها من خلال التقيد بالمعايير المهنية لنقل المعلومات مثل الحقيقة والدقة والموضوعية والتوازن .

٣-يجب ان تتجنب وسائل الاعلام نشر ما يمكن ان يؤدي الى الجريمة  والعنف والغموض الاجتماعي .

٤-الالتزام بالتعددية وحق الرد.

٥- يجوز التدخل العام اذا كان يهدف الى تحقيق مصلحة عامة .

٦- وسائل الاعلام يجب ان تنظم نفسها بشكل ذاتي .

نظرية المسؤولية العالمية :

تهدف هذه النظرية الى ربط أجهزة الاعلام والعاملين فيها بقضايا الانسان في كل مكان ، وترتفع بمسؤولية الاعلام الى مستوى القضايا العالمية ، وتعد هذه النظرية  مثالية وغير واقعية .

وهناك نظريات أخرى مثل نظرية التنمية التي تركز على  وجوب قيام وسائل الاعلام بدور إيجابي في انجاز اهداف التنمية في دول العالم الثالث ،

ونظرية المشاركة الديمقراطية وهي  من احدث النظريات وقد جاءت كرد فعل على الطابع التجاري والاتجاه الى الاحتكار في وسائل الاعلام .

 الذي لاشك فيه ان تغير المظهر الاتصالي في القرن الحادي والعشرين قد كسر جمود هذه النظريات , او انضباطية مقاساتها كما في الماضي وذلك لسببين , الأول تغير اشكال الحكم أي في الممارسة عما كان الحال عليه في القرن السابق , والثاني التغييرات الكبرى التي طرأت على وسائل الاتصال والممارسة الاتصالية , الا ان هذه النظريات في أفقها الواسع ما زالت تتحكم بالمشهد الاتصالي وفي حركة الممارسة الإعلامية , لذا لابد من الانتباه الى الاطار الذي تتحرك في داخله وسائل الاعلام وهذا  مرتبط بطبيعة البيئة المحيطة بهذه الوسائل .

 وفي اطار كل تلك النظريات فأن الصحفي او الأعلامي يتعرض الى ضغوط يمكن تصنيفها في فئات هي ( هادي العيثاوي : 147 ) :

الضغوط الشخصية: ومنها الضغوط النفسية  والصحية العامة, اذ اشارت الدراسات الى ان الصحفيين يعيشون اكثر من غيرهم حالات الارق والقلق واضطرابات الجهاز الهضمي فضلا عن ارتفاع نسبة الاصابة بالنوبات القلبية, وأضيفت الى القائمة امراض الكومبيوتر مثل الارهاق الشديد, والقرحة في المعدة. .. ومن الضغوط الشخصية ايضا, الضغوط الأسرية التي تنتج عن طبيعة العمل والتزاماته التي طالما تكون على حساب الواجبات الأسرية.

الضغوط المهنية: وهي التي تتعلق بواقع العمل الصحفي من حيث تنفيذ الواجبات والتنافس على فرص النجاح, والحياة مع فريق عمل في اختصاصات متنوعة والحاجة المستمرة للخبرات والدورات والدعم, وما يعترض العلاقة من توتر في الكثير من الأحيان مع من تدور حولهم القصص الاخبارية فضلا عن القلق في ميزان  العلاقة مع الجمهور في رحلة البحث عن النجاح الدائم او تجنب الخطأ, وهي مهمة شاقة جدا.

الضغوط السياسية: وهي كل ما يتعلق بسقف الحريات المنخفض بالعادة, وضغوط الرقابة سواء الذاتية منها او تلك المفروضة بتعليمات حراس البوابة..  وكذلك ضغوط الجو السياسي العام لاسيما في البلدان التي تشهد تدهورا أمنيا.

الضغوط المجتمعية: وهي الضغوط التي يتعرض لها الصحفيون بحكم التقاليد او القناعات التي تظهر بشكل مؤثر بعد تناول عدد من القصص التي يقف منها الكثيرون في المجتمع  موقفا مغايرا لأسباب عرقية او طائفية او بسبب انتشار الأمية, كما ان الصحفيين هم الاكثر  تعرضا للضغوط في زمن الفتن.

الضغوط الاقتصادية: الصحفيون يتقاضون في الاغلب اجورا لا تتناسب مع الجهود التي يبذلونها, كما ان وظائفهم طالما كانت رهينة بمزاج صاحب المؤسسة او القائمين عليها مما يجعلهم مهددين تحت وطأة احتمال الاستغناء عن خدماتهم او على نقلهم الى اماكن عمل بأجور اقل. 

على قدر الحرية المتاحة وكذلك التحرر من الضغوط , تقوم صناعة البطل الرياضي التي تبدأ برعاية الموهوب , فالكثير من الموهبين تتعثر عملية صنعهم ابطالا في الخطوات الإعلامية الأولى لأسباب , تتعلق بنظرية الاعلام التي تسير عليها الدولة في مجال الحرية لاسيما في الدول غير المتطورة وكذلك بسبب حجم الضغوط التي يرزح تحت وطأتها الاعلاميون , فالكثير من مشاريع بناء الابطال تتلاشى بفعل أسباب , سياسية او اجتماعية او دينية او مالية او مهنية تتعلق بواقع وسائل الاعلام من حيث تطورها وفاعليتها في المجتمع , وذلك لان مشروع البطل ينطلق من قاعدة محلية قبل ان يحلق في سماء أبعد قارية او عالمية , لذا فاننا نتحدث عن الاعلام المحلي الذي يضع الموهوب في مدار العالمية .

Tags: No tags

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *