الاعلام وصناعة البطل

البيئة بعد الموهبة :

بعد ان حددنا شرط الموهبة في ظهور البطل , فان الشرط الاخر هو وجود البيئة المناسبة التي ينشأ فيها الموهوب ويتحرك , سواء البيئة المادية ( الطبيعية ) ام البيئة الاجتماعية , وقد فصلنا هذه الفكرة  في كتابنا ” الرياضة والبيئة ”  ونختصر فنقول , البيئة الطبيعية تتعلق بالجغرافية والمناخ – عموما – وبالمنشآت الرياضية من قاعات وملاعب ومساحات خضراء ودرجة نسبة التلوث , وكذلك جمال تصميم المدن ومعالجة الضوضاء فيها وغيرها من الأمور المادية في البيئة التي تتفتح فيها مواهب مشروع البطل  من آلات وأدوات .

اما البيئة الاجتماعية , فهي كل العلاقات التي يدور في فلكها مشروع البطل , الاسرة , المدرسة , الشارع , الأقران , الملعب الشعبي , المركز او النادي الرياضي , النادي الاجتماعي , القدوات , ولاشك ان كل مفردة من هذه المفردات لها إمتدادات كثيرة وقواعد خاصة تتحكم بكيفية التحرك داخلها وملاءمة  التعاطي معها .

وهناك بيئة اجتماعية سليمة تكون فيها كل المؤسسات المجتمعية التي ذكرناها آنفا تؤدي دورها بالطريقة الصحيحة التي تساعد على البناء النفسي السليم , وهناك البيئة الاجتماعية المسمومة بمصطلح عالم الاجتماع الأمريكي جيمس غريبنر , حيث الحروب والكوارث والمخدرات والعصابات والغش والعنف , وغيرها من السموم التي تؤثر سلبا على البناء النفسي للشبان والشباب , بل المجتمع عموما .

بين الواقعي والافتراضي :

الرياضة في العالم الافتراضي بدأت تأخذ قدرا أوسع من الاهتمام من خلال البحوث والمقالات وعقد الندوات والمؤتمرات , ولعل تخصيص الاكاديمية الأولمبية الدولية تجمعها الخامس عشر في اولمبيا في تموز ( يوليو ) 2022 لمناقشة الرياضات الالكترونية بكل تفاصيلها وجدية دراسة تضمينها الألعاب الأولمبية لاسيما وان اللجنة الأولمبية الدولية تبدي اهتماما ملحوظا بالرياضات الالكترونية , كما نشر في اعلان القمة الأولمبية الثامنة 2019 ” فيما يتعلق بالألعاب الالكترونية التي تحاكي الرياضة , ترى القمة إمكانات كبيرة للتعاون وإدماجها في الحركة الرياضية , وقد أصبحت العديد من المحاكاة الرياضية اكثر فأكثر بفضل الواقع الافتراضي والواقع المعزز , التي تكرر الرياضات التقليدية ” ( البروفيسور آن تجوندال – النرويج – الاكاديمية الدولية تموز 2022 ) .

وقبل شهر من دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو  عام 2021 عقدت اللجنة الأولمبية  الدولية  السلسلة الافتراضية الأولمبية وهي علامة فارقة في تاريخ كل من الرياضة  الالكترونية وكذلك الحركة الأولمبية , فقد كانت التوصية “تشجيع وتطوير الرياضات الافتراضية وزيادة الانخراط مع مجتمعات العاب الفديو ” لقد كان الحدث ناجحا  حيث تم تسجيل مليوني مشارك وكان الإصدار يتضمن خمس العاب فقط ( سباقات sim  والتجديف والدراجات والبيسبول والابحار ) وتتطلع اتحادات كرة القدم وكرة السلة والتنس والتايكواندو لاستكشاف هذا الحدث . ومع  نهائيات المسابقات والمعارض والدورات التعليمية التي ستقام في سنغافورة بداية العام المقبل 2023 سيكون هناك اصدار جديد من السلسة الأولمبية الافتراضية , بما يمكن ان يكون مهرجانا اولمبيا للرياضات الافتراضية , فلرياضات الالكترونية المختارة هي تمثيلات رياضية معروفة بالفعل ومنظمة من قبل الاتحادات الدولية , بحيث يتم نقل القيم التربوية التي تروج لها  بطريقة ما الى البيئة الافتراضية ( راوني توليدو – البرازيل – مؤتمر الاكاديمية الأولمبية  الدولية –  تموز 2022 ) .

البطولة بين اعلامين :

ربما هي المرة الأولى التي يتم فيها الفصل بين اعلامين رياضيين , الأول , الاعلام الرياضي العام  الذي نعرفه ونتعامل معه بوجهيه التقليدي والجديد , وابرز سماته :

والثاني الاعلام البيئي الأولمبي , وهو الاعلام الذي ندعو الى التمسك بمبادئه لانه يمثل حقيقة الروح الرياضية التي قامت عليها المنافسة الرياضية منذ الألعاب الجلجامشية في وادي الرافدين ومن ثم الألعاب الأولمبية القديمة بعد قرون في أولمبيا في أثينا وكذلك الألعاب الأولمبية الحديثة التي بعثها المدرس المربي الفاضل بيير دي كوبرتان 1894 اذ أقيمت اول دورة اولمبية حديثة بعد عامين 1896 ..

ويسعى الاعلام البيئي الاولمبي  الى تحقيق جملة  من الاهداف التي يؤدي انجازها الى وجود بيئة رياضية  افضل وابرزها:

  • تحقيق التوازن بين النشاط الانساني من جهة واستخدامه الطبيعة وعناصرها من جهة اخرى .
  • الارتقاء بالوعي البيئي وذلك عن طريق توفير المعلومات والبيانات المتعلقة بالتعاطي مع البيئة الرياضية الطبيعية والبشرية  .
  • تبني وطرح المبادرات التي من شأنها المساهمة بحماية البيئة  الرياضية .
  • التعريف بالامن البيئي الرياضي  وكل ما يرتبط بالموارد وكيفية استثمارها .
  • التعريف بعلم الجمال البيئي كحقل معرفي جديد ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين وحقوله ..البيئات الطبيعية , بيئات الانسان الطبيعية مثل الحدائق والمزارع والبيئات الحضرية المعمارية ثم جماليات الحياة اليومية , اي بيئتنا المكانية وكل الانشطة الانسانية  لاسيما الرياضية منها  .
  • متابعة الاهتمام الدولي لمشاكل البيئة بتغطية كل المؤتمرات والنشاطات التي تعقد وتقام من اجل الحفاظ على البيئة كما في المناسبات الرياضية .
  • تحريك الرأي العام ودق جرس الانذار مبكرا بشأن اي ممارسة تؤدي الى الاضرار بالبيئة . عموما والرياضية خصوصا.  

ويمكن ان نقول لغرض التوصيف والتصنيف اعلام الاحتراف الرياضي واعلام الهواية الرياضية او اعلام المبادئ الأولمبية .

وكي لا نضيع في التفاصيل فاننا سنذكر علاقة الاعلام  باعداد البطل وكأنه اعلام واحد مع الإشارة عند الضرورة اثناء السياق الى الفروق في رسالة كل منهما , وذلك لان الوسائل واحدة وانما الفرق بين الاعلامين ينحصر في الأهداف وفي اعداد الرسائل التي تقود اليها .

تمر تغطية مسيرة الموهوب – الذي يصبح بطلا –  إعلاميا في مرا حل , علما ان كل بطل هو موهوب .. ولن يصبح كل موهوب بطلا  :

  • مرحلة الظل
  • مرحلة النبوغ
  • مرحلة النتائج – البطولة
  • مرحلة النجومية
  • –          مرحلة الأسطورة

 قد لا توجد  تغطية  إعلامية واضحة  للموهوب في مرحلة الظل , أي بدايات تشكل البطل وذلك لان معالم النبوغ لن  تكون ملحوظة الا من قبل القلة المحيطة بالموهوب , أسرته ومدربيه وعدد من زملائه , ويتغير حال التغطية في مرحلة النبوغ اذ تبدأ النتائج تتحقق على المستوى المحلي , فتكون التغطية الإعلامية محصورة بالتبشير بإمكانية وجود موهبة ومن ثم ولادة بطل , وتبقى التغطية محصورة في بعض الإعلاميين من اهل الخبرة والنظرة المهنية الثاقبة , او من الإعلاميين ” الأصدقاء ” أي تربطهم علاقة صداقة تمتد لسنوات مع المدرب او النادي الذي يلعب فيه الموهوب او ربما حتى مع عائلة الموهوب .

Tags: No tags

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *