القدوة الرياضية في الاعلام

القدوة الرياضية في الاعلام

ا . د هادي عبدالله

مدخل :

الاقتداء..  يتم عبر ثلاث مراحل .. تأثر , فايمان ,  فاتباع. . ومما يميز  موضوع القدوة  انه , بسيط و عميق خطير أيضا..

وفي هذه الخاصية تكمن اهميته.. فالطالب في رياض الأطفال قد ينافس من اجل الشريط ألذ ي يعلق على صدره وقد كتب عليه قدوة الصف.. والاباطرة يشيدون أو يهدمون ممالك اقتداء بقدوة… بل إن آلله سبحانه وتعالى أرسل بشرا للاقتداء بهم وأعد أخرين لذات الأمر فكم هو أمر خطير.

فكيف يساهم الإعلام في صنع القدوات؟

القدوة الحسنة , إنسان اجتهد كثيرا حتى بلغ هذه  المكانة التي جعلت من سيرته مثلا يحتذىفي الميدان لذي يتحرك فيه .

إذن  , على الإعلام إن لا يهدم القدوات ويشوه السير والتاريخ في معارك غير نزيهة.

على المستوى الشخصي أذكر معلم الرياضة في الابتدائية أستاذ ألمان في مدرسة الخلد في الوشاش واستاذ عبدالخالق معلمنا في الأول الابتدائي واستاذ جواد معلم الجغرافية وهكذا صعودا الى  المتوسطة قدوري الجميلي وفي الإعدادية مدرس اللغة العربية الشاعر حاتم الصكر..ثم كثيرون في الجامعة.

وفي المهنة هناك من تعرفهم فترتاح لهم نفسك ومن تقتدي بسيرته عبر القراءة أو السماع وقد يكون المقتدى به من خارج عالمك المهني..

اذكر إبراهيم إسماعيل واشادته وأذكر الفيلسوف مدني صالح ومقاله الأسبوعي في جريدة الجمهورية.

الريادة والقدوة :

كيف يحافظ القدوة على مكانته وكيف يسعى الإعلام في أحيان كثيرة إلى  هدمه؟

سؤال صار لزاما الإجابة عنه بجرأة..

من اجل الحفاظ على صورة القدوات النقية الجديرة باتخاذها انموذجا  لابد من استحضار تاريخنا عموما والرياضي  والإعلامي خصوصا .. نذكر في إطار مجالنا والبحث فيه عن القدوات من أهل المبادرات الذاتية الذين سبقوا غيرهم في توليد الأفكار البناءة والاجتهاد في تحويلها إلى واقع..

نبدأ بالرائد جميل الراوي الذي كان أول من درس أصول الكشافة والرياضة على أصولها قبل عشرينيات القرن العشرين يوم كانت الرياضة مقرونة بالكشافة ومحمد علي صدقي أول من درس الرياضة في السويد ثم أكرم فهمي..ثم تترى قافلة الرواد..

ومثلهم في الإعلام الرياضي اذ تبدأ المسيرة بفرد مؤمن مخلص فيتحول مع تتابع الأيام إلى مجموعة..

هكذا كان السيد محمد السيد علي معتمد نادي الألعاب الرياضية ومؤسس أول صحيفة رياضية عراقية بنفس الاسم عام ١٩٢٢ .. وكتابها إبراهيم سعيد و عبدالكريم محمد علي ونجيب الراوي وهو من رواد الحركة الكشفية..ثم تواصلت المسيرة..

ولابد من الإشارة إلى أن القدوة الأكثر تأثيرا في الغالب هو الذي يكون في الميدان اذ تصبح كل كلمة منه أو حركة تحت مجهر الفحص والاقتداء.. ومن هذه القاعدة الغالبة يترتب الدور الخطير لكل من القدوة نفسه وكذلك الإعلام الرياضي بكل وسائله الذي يغطي ويتابع  عمل القدوة .

كما لابد من الإشارة إلى أن ليس كل موهوب أو نجم في ميدانه مؤهلا ليغدو قدوة فللقدوة صفات وقدرات شخصية هي التي تضعه في المقام الصالح للاتباع قبل الإمكانات الفنية في مجاله.

حين نتحدث عن قدوات من تاريخنا فإنما نبتغي التذكير بالمعنى من التصرف وليس نقل التصرف  حرفيا , فلابد من مراعاة عاملي الزمن والبيئة وتغيرهما.

مسؤولية القدوة :

تقع على عاتق القدوة مسؤولية أخلاقية كبيرة لا شك انه مؤهل لحملها والا ما استطاع ان يشد الى سلوكه الأنظار ويولد عند مريديه ومحبيه او المعجبين به الرغبة في تأسي خطواته واتخاذه مثلا اعلى , ولكن يبقى القدوة انسانا قد تزل قدمه في هذا الموضع او ذاك تحت وطأة عوامل شتى , ولا سيما ان في الميدان الرياضي الكثير من الأسباب التي قد تعجل في ارتكاب الخطأ , حيث النجومية والاضواء والتنافس الذي تحوله النفس الأمارة بالسوء احيانا الى منازلة غير عادلة .

فالقدوة لابد ان يتحلى بأعلى درجات الانضباط الأخلاقي وكذلك الانتباه الى حد درجة الحذر من كل تصرف قد يجري تأويله على غير ما كان يقصد , وذلك لان الذين يقتدون به يكادون يجزمون بانه  لا يمكن ان يقترف خطأ وبالتالي فان اخطاءه ستوضع أيضا موضع التطبيق من غير تأنيب ضمير من قبل مقلديه او المعجبين به .

كما ان على القدوة ان يواصل الاجتهاد والحضور المميز في المجال الذي يبدع فيه وان يضع في حسابه دائما ان هناك من يتبع خطواته ويتشوق الى المزيد من الجديد  الذي ينير له طريقه .. فالقدوة ليس مثالا محنطا وانما هو مثال حي ينبض بالعطاء , مما يجعل من فعل الاقتداء به مكونا أساسيا من مكونات النجاح للآخرين .

من اجل هذا فان الريادة الرياضية , لا تعني القدم فقط في دخول الميدان وانما هي – أيضا – درجة الأبداع والاستمرار في الأبداع , فاللاعب المبدع يمضي ليصبح مدربا مبدعا او إداريا مبدعا , وبشكل لا يصاب بالجمود , وهذه الاستمرارية المشحونة بالحيوية هي التي تجعل من القدوة عاملا مؤثرا في اعداد نجوم المستقبل .

ان اعداد القدوات , مسؤولية كبيرة والمحافظة على القدوات مسؤولية اكبر .

الاعلام والقدوة :

الاعلام بكل وسائله التقليدي منه والجديد يتحمل مسؤولية كبيرة في المحافظة على القدوة , وفي حدود محاضرتنا فاننا نتعامل مع القدوة الرياضية والاعلام الرياضي .. فما هي الخطوات التي يجب على الاعلام الالتزام بها وهو يقدم القدوات .. باختصار هي :

  • تقديم القدوات باحترام كبير من اجل ترسيخ الصورة الإيجابية في اذهان متابعيهم .
  • عدم النيل من القدوات كالانحياز  ضدهم في حملات إعلامية قد تكون حول قضايا عابرة تفرضها ظروف مربكة .
  • الاهتمام بالتراث الإبداعي للقدوة وتقديمه باستمرار كنموذج يستحق التأسي به .
  • متابعة إنجازات الشباب الذين يدينون بتألقهم لأقتدائهم بشخصية رياضية اجتهدت حتى صارت قدوة , وذلك لترسيخ فعل القدوة في الوسط الرياضي ولجذب انظار الشباب الآخرين للاقتداء بهذه الشخصية .
  • على الاعلام ان يفرق بين الأخطاء الشخصية , والاخطاء الإدارية , والاخطاء الفنية حين يتناول القدوات بالنقد .

الخاتمة :

ان القدوة في الوسطين الرياضي والإعلامي الرياضي  تعد عاملا رئيسا من عوامل الارتقاء بالحركة الرياضية , بشقيها رياضة الإنجاز وكذلك الرياضة المجتمعية ,  كما ان على القدوة ان يعي المهمة الكبيرة الملقاة على عاتقه , وان يجتهد في الحفاظ على مكانته ويطور من خبراته , وعلى الاعلام ان يلتزم بمسار محدد في تقديم القدوات لجمهورهم ومحبيهم .

Tags: No tags

Comments are closed.